byanat

د.شريفة المقطري

إنقاذ الريال اليمني

2022-02-12

 

أدت الحرب باليمن الممتدة إلى أكثر من 6 سنوات إلى تدهور سعر العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية باليمن، حيث وصل سعر صرف الريال اليمني إلى 1700 ريال مقابل الدولار الواحد فيما الريال السعودي يباع بـ 444 ريالا، وفق مصادر مصرفية يمنية، مسجلاً أعلى معدلات التراجع في تاريخه بالمناطق المحررة مما أدى إلى ارتفاع سعر المواد الغذائية الأساسية وتدهور حاد بالوضع المعيشي للمواطنين أدى إلى احتقان وغليان الشارع اليمني أهمها مايلي:

  • ارتفاع سعر الخبز بنسبة 50% جراء زيادة أسعار الدقيق ، حيث تم رفع سعر قرص الخبز (الرغيف) من 50 إلى 75 ريالا لغرض الحفاظ على جودته وقيمته الغذائية واستمرار عمل الأفران من قبل جمعية المخابز والأفران بعدن.
  • اضطراد نسبة ارتفاع الأسعار وصل إلى 90% خلال عام 2021م، بحسب إعلان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.
  • تعليق النشاط المصرفي من قبل جمعية الصرافين اليمنيين في عدن لمدة يومين احتجاجًا على تدهور العملة أمام العملات الأجنبية وأثر ذلك على التعاملات النقدية للمغتربين اليمنيين.
  • تعليق التعليم الجامعي والإضراب الشامل في جامعتي عدن وتعز ومطالبة نقابة تعز بإعادة رواتب أعضاء هيئة التدريس إلى قيمتها أمام العملة الصعبة قبل عام 2015م، وتسليمها بهذه العملة مع زيادة 50 بالمئة على المرتب الأساسي. 

إن هذا التدني غير المسبوق للعملة المحلية سلط اللوم الأول على الحكومة الشرعية  كمسئول مثقل بالتحديات والتحالف كشريك أمام مواجهة المتسبب الرئيسي للكارثة الاقتصادية والانسانية باليمن وهو انقلاب المليشيات الحوثية على الدولة وتعطيل مؤسساتها.

بدأت أزمة انهيار الريال اليمني تحديداً بعد نهب المليشيات الاحتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي اليمني بصنعاء، وبلغ إجمالي المبلغ المنهوب خمسة مليارات ونصف المليار دولار، ولم تنقل السلطة الشرعية البنك المركزي بصنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن إلا بعد أن استكمل الحوثيون نهبه، بحسب تقارير رسمية. تبعه ذلك اضطراب السياسات المالية نتيجة صراعات الحرب نوجز أهم عواملها كما يلي:

  • خلق أزمة التداول النقدي لقيمتين مختلفتين للعملة المحلية بالطبعات الجديدة والقديمة، وارتفاع رسوم الحوالات إلى أكثر من 100% بين محافظات الشرعية عند ارسالها إلى المحافظات الخاضعة تحت سيطرة المليشيات بسبب منع تداول الطبعات الجديدة.
  • الخلل الضريبي والاتاوات للموارد المحدودة بسبب الاضطراب الأمني والاداري بالمناطق المحررة، رفع ذلك مضاعفة التأمين البحري للسفن، وإرباك النشاط الاقتصادي والتأثير على السوق المصرفية، وشتت الإيرادات المحدودة ، وتسبب في انعدام الادخار ومحدودية الاستثمارات وغياب الإنفاق الحكومي الذي يسهم في استقرار السوق النقدية.
  • قرار تعويم العملة وتراكم التضخم النقدي نتيجة سياسة البنك المركزي السابقة في مواجهة أزمة انهيار العملة المحلية وذلك بسبب عدم توفر سيولة النقد الأجنبي، حيث اعتمد البنك على الموارد الوطنية المتضخمة بدون غطاء لتوفير السيولة. وقد أدت السياسات الأخيرة للبنك المركزي في كبح انهيار العملة  إلى رفع المعروض النقدي بالسوق عبرضخ عملة محلية ذات فئة كبيرة ، وبكميات كبيرة (1000 ريال) أدى إلى تضخم وتدهور بسعر الريال.
  • الوديعة السعودية التي تم الإعلان عنها عام 2018م في إطار برنامج التنمية وإعادة الإعمار والمنح المالية والنفطية السعودية رغم دورها الكبير في تقديم حل عاجل، تظل إنقاذ مؤقت لتغطية استيراد السلع الأساسية وانقاذ العملة، حيث لم تدخل كسيولة إلى البنك المركزي بعدن حسب تقارير محايدة تعلل ذلك بملابسات تقرير الخبراء الدولي ضد البنك المركزي، حيث قيدت في حسابات البنك المركزي لدى بنك جدة السعودي، وتم تحويل الاعتمادات المستندية عبر هذا البنك ولم تصل إلى البنك المركزي في عدن.
  • عدم التوريد للإيرادات إلى البنك المركزي اليمني في عدن مباشرة وشمل ذلك المساعدات الانسانية للمنظمات الدولية والتي تصل صنعاء مباشرة. 

إن الاجراءات المفاجئة التي اتخذها الرئيس عبدربه منصور هادي في إعادة تشكيل مجلس ادارة البنك المركزي وتكليف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لمراجعة كافة أعمال البنك من المشهود لهم بالنزاهة والمهنية أدى إلى ارتياح نسبي بعد موجة الاحتقان والغضب غير المسبوقة بالشارع اليمني ، لكن عدداً من المراقبيين يرى بضرورة أن تؤدي هذه الخطوة الى كبح جماح انهيار العملة وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين وتثبيت الأسعار لا أن تكون مجرد ردة فعل للتهدئة. 

الإيجابي بتلك القرارات نوعية الصلاحيات التي منحت للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة اليمني للحد من الفساد، فقط منح حق اختيار المدققين والخبراء الاقتصاديين وعضوية الجهاز القضائي. ورغم التحسن الملحوظ الذي وصل له الريال إلى 1330 بعد القرار مباشرة فإنه يظل انقاذ العملة اليمنية بحاجة إلى مايلي:

  •  تخطيط مزمن وشامل للإصلاح المالي والمصرفي للعملة اليمنية.
  • منح قرارات بصلاحيات كاملة وتهيئة الظروف اللازمة لتنفيذ قرارات البنك المركزي وجهاز الرقابة والتفتيش.
  • ترشيد نفقات الحكومة وتوحيد نظام الايرادات إلى البنك المركزي اليمني في عدن.
  •  جدية التحالف كشريك داعم للشرعية اليمنية ضد المليشيات الحوثية المنقلبة.
  • المراقبة الدولية وتجفيف منابع الفساد ومراقبة حركة تنقل الأموال التي ينقلها الحوثيون إلى البنوك الخارجية واستعادتها.