byanat

الدكتور أحمد أحمد عبدالعزيز العقاب

وحدتي ... وحدتي

2022-05-21

 

لقد كان تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 حدثا تاريخيا هاما على المستوى الإقليمي والعالمي وفي الوقت الذي شهدت فيه  اتفاقيات الوحدة بين بعض الدول انهيارات ، إلا أن وحدة اليمن كانت إعادة اللحمة الوطنية لشعب واحد ووطن واحد ودين واحد فرقت بينهم حدود مصطنعة بفعل الاستعمار البريطاني في الجنوب وحكم الإمامة في الشمال ، مع قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 62 و الرابع عشر من أكتوبر 63 والتي جسدت الثورتين وحدة الشعب اليمني في مبادئها وأهدافها ، لقد مرت الوحدة اليمنية بمنعطفات تاريخية هامة باتفاقيات  ومسودات لإعادة الجسد الممزق إلى جسد واحد تسوده المودة والأخوة  بالرغم مما عانته الوحدة اليمنية من مؤامرات لوأدها إلا أن تماسك الشعب اليمني والقيادات السياسية بالشطرين كانت حجرة عثرة أمام هذه المؤامرات فأفشلت كل خطط المتآمرين .

 

إن أكبر كارثة مرت بها اليمن دمرت الوحدة هي حرب صيف 94 والتي كانت نتيجة تراكمات صراع حول النظام اللامركزي خلال السنوات الأولى بعد الوحدة اليمنية بين حلفي النظام الحاكم للرئيسين السابقين صالح والبيض، والذي أشتد بعد تمكين  الإسلام السياسي المتطرف من السلطة ، حيث كان لهم دور بارز في فتاوى حرب 94 وعمليات اسناد اغتيال القيادات الحزبية والسياسية وكوادر الحزب الإشتراكي اليمني شريك المؤتمر الشعبي العام في تحقيق الوحدة اليمنية وحل دماءهم بتهمة المطالبة بفك الارتباط.

 

لقد لعب الاسلام السياسي بشقيه دور فعال في إغراق اليمن والمنطقة بالحرب وبعد فترة من دراسة الوضع لما مرت به الوحدة قبل حرب صيف 94 وبعدها أدرك الرئيس الراحل خطر هذه الجماعات التي تسعى لتمزيق الوطن فأعلن إلغاء الاحتفال بيوم 07-07-94 وألغى الأمر القضائي بمحاكمة من أعلنوا الإنفصال والحرب ، لقد  كان انقلاب شركاء الوحدة على وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت في الأردن وفسرها كل طرف لصالحه السبب في إعلان الحرب واستغلته الطوائف الدينية المتشددة التي أصدرت الفتاوي بقتال أخواننا في الجنوب وهي الآن تمارس نفس النهج والأسلوب  ولكن لم يعد لها مكان في اليمن لأن الشعب اليمني أدرك أن هذه الجماعات تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية وحلم الخلافة وتنفيذ أجندات خارجية ضد الوطن وأصبحت منبوذه من كامل الشعب.

 

إن ما أنتجته الحرب وما أعقبه من كره للوحدة اليمنية من قبل إخواننا في المحافظات الجنوبية والشرقية و أيضا المحافظات الشمالية والغربية كان نتيجة تراكم ملفات الفساد الذي اشترك فيها رئيس الجمهورية وكذلك نوابه ومستشاريه من المحافظات الجنوبية والشرقية والتي استغلت الفرصة باسم الوحدة لتصفية حسابات وثارات سابقة بين الزمرة والطغمة وكان الضحية الشعب اليمني كافة في جميع المحافظات.

 

لقد كانت هناك محاولات من الرئيس الراحل علي عبدالله صالح لإصلاح ما أفسدته حرب صيف 94  وما تلاها من إقصاءات لقيادات من إخواننا في الجنوب الذين يخالفون  توجه نائب الرئيس آنذاك عبده ربه منصور هادي فقد تم إعادة عددا من القيادات  بل وذهب بنفسه رئيس الجمهورية لإعادتهم بالرغم من إعتراض نائبه عبده ربه منصور هادي على ذلك ومنهم  اللواء هيثم قاسم طاهر والدكتور أحمد عبيد بن دغر واللواء محمود الصبيحي والأستاذ سالم صالح محمد. إن محاولات الوزراء والمستشارين من أخواننا في المحافظات الجنوبية جناح نائب الرئيس عبده ربه منصور هادي بعد حرب 94 وعرقلة عودة القيادات الجنوبية التي خرجت إلى خارج الوطن بسبب الحرب تثبت أن وزراء فرعون أرحم من وزراء ومستشاري رئيس الجمهورية في 94 الذين استغلوا مناصبهم والصلاحيات الممنوحة لهم للانتقام من خصومهم السياسين باسم الوحدة اليمنية و شكل احتقان وكره لدى أخواننا في المناطق الجنوبية والشرقية للوحدة اليمنية على الرغم أنهم كانوا أكثر أبناء الشعب اليمني حبا وتوقا للوحدة اليمنية  من أبناء المحافظات الشمالية والغربية ، لقد وجدت الوحدة اليمنية معارضة شرسة من مشائخ القبائل في الشمال ومشائخ التيار الإسلامي المتشدد لانهم شعروا أن الوحدة تقضي على أمالهم. 

 

توالت الأحداث والمؤامرات على الوحدة اليمنية من الداخل والخارج  وما نتج عنه من أحداث الربيع العربي المشؤوم وما أفرزته أحداث 2011 التي كان لها النصيب الأكبر في المؤامرة وتمزيق النسيج الوطني والذي يعاني الشعب اليمني من أحداثه حتى الآن ، لقد تعمقت الجراح وزادت الشروخ تتوسع في الجسد اليمني بعد حكومة 2012 والتي أعادة الفرز والتصفيات بين  الزمرة والطغمة وتصفية حسابات وثارات من أحداث يناير 1986 مما زاد كره الجميع للوحدة اليمنية . إن إقامة الوحدة كانت على أساس وحدة وطن وشعب ودم ودين وليست وحدة أفراد ولكن السياسة الخاطئة والقائمة على التصفيات السياسية والحزبية والمناطقية حولت الوحدة اليمنية إلى وحدة أفراد يتغنى فيها من استفادوا منها في نهب خيرات الوطن.

 

الوحدة اليمنية صنعها الشعب اليمني شمالا وجنوبا وسوف يحميها  من دعاة التمزيق أصحاب المصالح كما حماها سابقا .

من خلال لقاءاتي وتواصلي مع عدد من أخواني في  جميع المحافظات اليمنية أؤكد لكم أن الشعب اليمني العظيم يكرة التشطير والانفصال كما أنه يكره احتكار الوحدة اليمنية لفئة او قبيلة او حزب ، الشعب اليمني يؤمن بوحدة الوطن والدم والنسب والأرض بشكل جديد يضمد الجراح ويداويها بالشكل الذي يعيد لكل يمني هيبته ومكانته ، الشعب اليمني يؤمن بالوحدة اليمنية التي تصون حقوقه وكرامته وتساوي بين أبناء الشعب ، إن ما تدعوا إليه القيادات الشبابيه في مختلف المحافظات من إقامة يمن إتحادي دليل على وعي هذه النخبة وحبها وتمسكها بالوحدة التي تساوي بين أبناء اليمن في الحقوق والواجبات والثروات لا ان تكون حكرا على فئة . اليمن الاتحادي الكبير سوف يحميه الشباب النقي الذين لم تلوث أيديهم بدماء أبناء اليمن والذين نشاوا وتربوا على حب الوطن ، أما إعادة تدوير الشخصيات ذات السجل الأسود المفعمة بالفساد والملطخة بالدماء سوف تضع من وحدة الشعب هدفا للتمزيق .

إن الاحتفال هذه الأيام بالوحدة اليمنية في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب اليمني  وخاصة أخواننا في المناطق الجنوبية والشرقية سوف يوطد كرهمم للوحدة أكثر من حبهم ، علينا أن نداوي الجراح هذه الأيام ونوقف الدماء ونثبت لهم أننا شركاء في الحرب والسلم وأن هدفنا واحد يمن إتحادي خالي من الأوجاع ، عندما ندرك أن القلوب تصافت وإلتأمت الجراح وتوقف النزيف حينها نقول بصوت واحد :

لن ترى الدنيا على أرضي وصيا 

المجد والخلود والرحمة لشهداء الوحدة والثورة والجمهورية